«الإيكونوميست»: البريطانيون يستعدون لفيضانات جديدة بمزيد من القلق

«الإيكونوميست»: البريطانيون يستعدون لفيضانات جديدة بمزيد من القلق
فيضانات في بريطانيا- أرشيف

حذر خبراء الطقس من أن المملكة المتحدة تواجه تحديات بيئية متزايدة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، ما يعزز مخاطر الفيضانات في العديد من المناطق، مؤكدين أن الفيضانات في بريطانيا باتت أكثر تكرارًا وشدة، نتيجة لتغير المناخ الذي يتسبب في زيادة كمية الأمطار التي تتساقط على الأراضي البريطانية.

وكشف تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، أمس الجمعة، عن أن بريطانيا تتجه نحو أزمة بيئية تهدد البنية التحتية والحياة اليومية للمواطنين، ما يستدعي تعزيز الاستعدادات الحكومية وتبني حلول مبتكرة لمواجهة هذه الظاهرة المتزايدة.

ووفقا لـ"الإيكونوميست"، يهتم البريطانيون بالطقس بشكل كبير، لكنهم يتذمرون من الأمطار، ولحسن الحظ، يملكون مفردات غنية لوصف هذه الظاهرة، كما يوضح آلان كونر، مؤلف كتاب متخصص عن المطر في بريطانيا.

فيضانات متكررة

وأشار التقرير إلى أن البريطانيين لن يتوقفوا عن التذمر، حيث تزداد الرطوبة في البلاد، ما يجعل الفيضانات أكثر تكرارًا وشدة، وبعد الفيضانات الأخيرة، أصدرت الهيئات العامة البريطانية تحذيرات لسكان البلاد، ودعتهم للاستعداد.

وتم نشر بيانات توضح الفئات الأكثر عرضة للخطر بسبب الفيضانات، مع تحديد المناطق الأكثر تأثراً، وذلك استنادًا إلى تحليل دقيق لخرائط الفيضانات.

صعوبة التنبؤ

تعتبر بريطانيا جزيرة صغيرة بين المحيط والقارة، ما يجعل التنبؤ بالطقس فيها أمرًا صعبًا للغاية، ومع ذلك، يظهر بوضوح أن النمط العام يشير إلى زيادة الرطوبة، فقد كانت الأشهر الـ18 التي انتهت في فبراير 2024 هي الأكثر رطوبة منذ أن بدأ قياس هطول الأمطار بشكل مستمر في عام 1836.

وكان الصيفان الماضيان رطبين للغاية، وكذلك كان الشتاء السابق، في سبتمبر، الذي يُعتبر عادة شهرًا رطبًا، شهدت إنجلترا هطول ضعفي كمية الأمطار المعتادة، وسجلت 10 مقاطعات في المملكة المتحدة أكثر الأشهر رطوبة في تاريخها، بما في ذلك مقاطعة جلوسيسترشاير التي سجلت 212 ملم من الأمطار، وهي كمية مماثلة لما قد تتوقعه في موسم الرياح الموسمية في الهند.

أثر الأمطار 

أدت الأمطار الغزيرة إلى تشبع الأرض بالمياه، ما جعلها أكثر عرضة للفيضانات، في نوفمبر وديسمبر من العام نفسه، تسببت الفيضانات في وفاة العديد من الأشخاص وتدمير مئات المنازل.

وشهدت العديد من البلدان الأخرى زيادة في شدة العواصف وتكرارها، ويعود ذلك جزئيًا إلى قدرة الهواء على حمل مزيد من الماء بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

وتعاني بريطانيا من صعوبة السيطرة على الفيضانات، كما تشير أوليفيا شيرز من لجنة تغير المناخ، فإن الأنهار في بريطانيا غالبًا ما تكون قصيرة وشديدة الانحدار، ما يجعلها ترتفع بسرعة هائلة.

وفي السابع من ديسمبر 2023، ارتفع نهر ألِن في نورثمبريا بشكل مفاجئ في ساعات الصباح الباكر، ما أدى إلى جرف لاعب الرجبي السابق توم فويس أثناء محاولته الفرار من سيارته التي علقت في أحد الممرات المائية.

إنشاءات في مناطق الفيضانات

ووفق التقرير، فإنه لا يمكن إلقاء اللوم فقط على تغير المناخ، فجزء من المشكلة يرجع إلى تخصيص مناطق منخفضة بالقرب من الأنهار للبناء السكني والزراعة المكثفة، هذه الممارسات لا تعرض السكان للخطر فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى قطع الاتصال بين الأنهار وسهولها الفيضية الطبيعية، مما يزيد من خطورة الفيضانات، كما يقول تريفور هووي، أستاذ في جامعة برونيل، إن التوسع العمراني حول الأنهار أدى إلى تفاقم الوضع.

وفي بعض الحالات، كانت الهيئات العامة بطيئة في إصدار التحذيرات للمواطنين، ولكن مع تكرار العواصف والفيضانات، أصبح من الضروري تبني آليات تحذير أكثر فاعلية.

وفي ديسمبر 2023، استعرض مكتب الأرصاد الجوية نظامًا جديدًا للإنذار المبكر، حيث أطلق نحو ثلاثة ملايين هاتف في ويلز وجنوب غرب إنجلترا صفارات إنذار متزامنة، وهي خطوة تعتبر تحسنًا كبيرًا في نظام التحذير.

تمويل وابتكارات مستقبلية

تعد الابتكارات مثل هذه خطوة إيجابية نحو تحسين استجابة بريطانيا للتحديات المناخية، لكن بالرغم من الجهود المبذولة، يعترف الخبراء بعدم كفاية الميزانية المخصصة للحد من الفيضانات.

وتُنفق بريطانيا حوالي مليار جنيه إسترليني (1.3 مليار دولار) سنويًا على مشاريع الوقاية من الفيضانات، ولكن هذه الأموال لا تكفي لمنع الفيضانات الكبيرة، يعتقد عدد من الخبراء أن التركيز يجب أن يتحول إلى الحلول الطبيعية مثل زراعة الغابات أو الحفاظ على الأراضي الرطبة لإبطاء تدفق المياه.

وتتزايد أهمية التأمين ضد الفيضانات، خاصة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الأكثر عرضة للخطر، وبالفعل توفر الحكومة البريطانية مخططًا يتيح للأفراد شراء تأمين بأسعار معقولة، خاصة في المناطق المنخفضة.

ولكن، كما تقول كاثرين بتلر من جامعة إكستر، فإن الكثير من الناس لا يحصلون على هذا التأمين، ربما لأنهم غير مدركين للمخاطر، ومع زيادة هطول الأمطار في المستقبل، سيحتاج البريطانيون إلى تحديث مفرداتهم للحديث عن الطقس الأكثر تطرفًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية